الغالب من الرؤيا المليحة أن يتأخر تفسيرها. وذلك من آرم االله تعالى يبشر بالخير قبل وقوعه ، لتفرح النفس بوصوله .وربما يقدم تفسيره لأمر ضروري يحتاج إليه الرائي. مثلما ذآر جالينوس في آتاب » حيلة البروء « أن إنسانًا ورم لسانه ، حتى ملأ ف ّكيه ، واستفرغ الأطباء ما في قدرتهم من المعالجة ؛ فلم ينفع. فترآوا معالجته. وسّلم الرجل نفسه للموت. فرأى في النوم شخصًا قال له : تمضمض بعصارة الخس. ففعل ذلك فبرئ.والغالب من الرؤيا الردية : أن يراها قريب وقوعها ، أو بعد وقوعها ؛ لئلا يضيق صدره قبل ذلك. فإذا رأى أحد ذلك فاسأل ؛ هل جرى له شيء من الشر مما دل المنام عليه . فإن آان جرى قبله قلي ًلا فهو تفسيره ، وإلا فيجري.قال المصنف : إنما قدم االله سبحانه وتعالى البشارة في المنام ؛ ليأمن الخائف ، ويرجو القانط ، ويفرح ذو الحزن ، ويفرج عن المهموم ، ونحو ذلك ؛ لأن االله تعالى إذا وعدنا بخير آان آما وعد سبحانه لا يرجع عما وهب. وإذا تواعد بالشر له أن يعفو أو يصفح. يمحو االله ما يشاء ويثبت. وهذا هو عين الكرم والفضل الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى ولقول رسول االله صلى االله عليه وسلم عنها إنها من المبشرات ، والبشارة لا تكون إلا بشيء مستقبل. كتاب تفسير الاحلام – البدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي