تفسير الأحلام للشهاب العابر >> إذا رأى أﺣﺪ الباري عز وجل

ﻓﺈذا رأى أﺣﺪ الباري عز وجل – أو أﺣﺪ هؤلاء – ﻗﺪ ﻗﺮّﺑﻪ ، أو أﺟﻠﺴﻪ ﻣﻮﺿﻌﻪ ، أو كلمه، أو وﻋﺪﻩ ﺑﺨﻴﺮ :فبشارة ﻟﻪ ﺑﺮﻓﻊ المنزلة. فإن كان ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ اﻟﻤﻠﻚ : ﻣﻠﻚ ، أو اﻟﻮﻻﻳﺔ : ﺗﻮﻟﻰ ، أو القضاء او التدريس: ﺣﺼﻞ ﻟﻪ ذﻟﻚ ، أو ﺣﻜﻢ ﻋﻠﻰأرباب ﺻﻨﻌﺘﻪ ، أو تقرب من الملوك ، أو الولاة ، أو القضاة او العلماء، أو الزهاد ، وأرباب المناصب. ورﺑﻤﺎ ﻧﺎل خيا ﻣﻦ الحاكم ﻋﻠﻴﻪ كاﺣﺪ أﺑﻮﻳﻪ ، أو ﺳﻴﺪﻩ ، أو استاذه. وإن كان كاﻓﺮاً : أسلم أو ﻣﺬﻧﺒًﺎ :تاب، أو ﻳﻘﺼﺪ اكبر مواضع عبادته. إن كان ﻣﺮﻳﻀﺎً : مات. وأﻣﺎ ﻣﻦ رﺁهم ﻓﻲ ﺻﻔﺔ ﻧﺎﻗﺼﺔ ، أو تهددوه ، أو أعرضوا ﻋﻨﻪ : ﺗﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ كبيره ، كالسلطان ، والحاكم ، واﻟﻌﺎﻟﻢ ، واﻟﺴﻴﺪ ، والوالد ، واﻟﻌﺮﻳﻒ ، ونحوهم. ورﺑﻤﺎ ﺗﻐﻴﺮ دينه. ﻣﺠﺊ البارئ ﻋﺰ وﺟﻞ إﻟﻰ المكان المخصوص ،أو ﺗﺠﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ، وهو ﻓﻲ الصفات اﻟﺤﺴﻨﺔ : دال ﻋﻠﻰ ﻧﺼﺮ اﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ ، وهلاك اﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ، وموت اﻟﻤﺮﺿﻰ ؛ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻖ. ورﺑﻤﺎ دل ﻋﻠﻰ ﺧﺮاب ذﻟﻚ الموضع. ﻗﺎل اﻟﻤﺼﻨﻒ :ﻟﻤﺎ أن اﺧﺘﺺ ﷲ ﺑﺄﻣﻮر ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ العرض واﻟﻜﺮﺳﻲ وﷲ واللوح واﻟﻘﻠﻢ واﻟﻤﻼﺋﻜﺔ والأنبياء ﻋﻠﻴﻬﻢ السلام ودﻟﻴﻞ ذﻟﻚ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮد ﻓﻲ الأخبار أﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎً أﻋﻄﻴﻨﺎﻩ كذا وكذا ﻣﻠﻜﺎً ﻣﻦ اﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﻞ اختصوا ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ وكذﻟﻚ الأنبياء مختصون ﺑﻪ – فصار ﺣﻜﻤﻬﻢ ﺣﻜﻤﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ، وﻟﻢ ﻳﺮد أن ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻌﻄﻲ العرش ﻷﺣﺪ وﻻ اﻟﻜﺮﺳﻲ وﻻ اللوح وﻻ القلم وإذا كان ذﻟﻚ كذﻟﻚ دل ﻋﻠﻰ أﻧﻬﻢ إذا أبصروا ﻓﻲ المنام جعلناهم أعمال الرائي ﻣﻤﺎ هو ﻓﻴﻪ ﻣﻦ الحال ، وﻣﺎ ﻳﺼﻴﺮ إﻟﻴﻪ أﻣﺮﻩ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ الدارين إﻻ أﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺐ الأحوا ليسوا ذﻟﻚ اﻟﻤﺮﺋﻲ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺑﻞ ﺿﺮب ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺜﻼً ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ ، وﻟﺬﻟﻚ إذا رأى أﺣﺪ أﻧﻪ ﺻﺎر واحدا ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺎ ﻧﻘﻮل ﻟﻪ ﺗﺼﻴﺮ واحدا ﻣﻨﻬﻢ ﺑﻞ ﻧﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ، فإن كان ﻓﻲ ﺻﻔﺎت ﺣﺴﻨﺔ ﻧﻘﻮل ﻟﻪ أﻧﺖ ﻣﺘﻮلٍ ﻓﻴﻚ ﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ذﻟﻚ اﻟﺤﺴﻦ ، وإن كان ﻓﻲ ﺻﻔﺎت ردﻳﺔ ﺣﺬرﻩ ﻣﻦ ذﻟﻚ وﻗﻞ ﻟﻪ : ارﺟﻊ ﻋﻦ كيت وكيت. وإذا ﻋﺮﻓﺖ ذلك. ﻣﺜﺎﻟﻪ أن يقول رأﻳﺖ أﻧﻨﻲ ﻋﻠﻰ العرش أو اﻟﻜﺮﺳﻲ وﻗﺪ أﺗﻠﻔﺖ ﺑﻌﻀﻪ برجلي ، تقول له : تخون كبيرك ، ﻓﺮﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن بوطئ حرام ؛ ﻷن اﻟﺮﺟﻞ ﻣﺤﻞ الوطئ، وإن أﺗﻠﻔﻪ ﺑﻴﺪﻩ ﻓﺘﻜﻮن اﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﺑﺎﻷﺧﺬ أو بالضرب أو ﺑﻤﻦ دﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻴﺪ ، وإن أﺗﻠﻔﻪ ﺑﻔﻤﻪ كان بالكلام أو ﺑﻤﺎ ﻳﺪل اللسان ﻋﻠﻴﻪ ، وكذﻟﻚ ﺳﺎﺋﺮ الأعضاء. وإن كان ذﻟﻚ ﻓﻲ اللوح أو اﻟﻘﻠﻢ رﺑﻤﺎ كاﻧﺖ ﻓﻲ كتبه ، أو علماء يهتدي ﺑﻬﻢ ، أوكتاﺑﻪ ، أو الأمناء اﻟﺤﺎﻓﻈﻴﻦ ﻷﺳﺮار ﻣﻦ دل الباري ﻋﺰ وﺟﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ الكبراء ، وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ. ﻓﺎﻓﻬﻢ وﻗﺲ ﻋﻠﻴﻪ إن شاء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ.وﻗﺪ أﻧﻜﺮ ﻗﻮم رؤية الباري ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﻲ المنام وقالوا إﻧﻤﺎ هي وسواس وأخلاك ﻻ ﺣﻜﻢ ﻟﺬﻟﻚ. وهذا الإمكان ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺤﻴﺢ ﻷﻧﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ذﻟﻚ أعمالا للرائي ، وﻻ ﻧﻜﺎﺑﺮ الرائي ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺮاﻩ وﻏﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻇﻨﻪ ذﻟﻚ ، ﺑﻞ ﻧﻘﻮل رﺑﻚ ﻋﺰ وﺟﻞ الحاكم ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻨﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﺤﻜﻢ ﻓﻨﻌﻄﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ واﻟﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺷﻬﻮد الرؤيا، وكذﻟﻚ ﻧﻘﻮل إﻧﻪ ﺣﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ، فإن كان ﻓﻲ ﺻﻔﺎت ﺣﺴﻨﺔ كنت ﻋﻠﻰ ﺣﻖ. وإن كان ﻓﻲ ﺻﻔﺎت ردﻳﺔ ، ﻓﺄﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻃﻞ. وﻧﺤﻮ ذﻟﻚ.قال الأستاذ أبو سعيد رضي الله عنه : من رأى في منامه كأنه قائم بين يدي الله تعالى ، و الله ينظر إليه، كأن الرائي من الصالحين، فرؤياه رؤيا رحمة، و إن لم يكن من الصالحين فعليه بالحذر، لقوله تعالى: المطففين 6 فإن رأى كأنه يناجيه، أكرم بالقرب، و حبب إلى الناس قال االله تعالى : مريم 52. و كذلك لو رأى أنه ساجد بين يدي االله تعالى، لقوله تعالى : العلق 19. فإن رأى أنه يكلمه من وراء حجاب حسن دينه، و أدى أمانة إن كانت في يده و قوي سلطانه. و إن رأى أنه يكلمه من غير حجاب ، فإنه يكون خطأ في دينه، لقوله تعالى : الشورى 51. فإن رآه بقلبه عظيما، كأنه سبحانه قربه و أكرمه و غفر له، أو حسابه أو بشره، و لم يعاين صفة، لقي الله تعالى في القيامة. كتاب تفسير الاحلام – البدر المنير في علم التعبير – لامام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي

ماذا تنتظر؟ قم بتنزيل التطبيق الآن مجانا

في حلمك ، نساعدك على الحصول على استشاراتك بسهولة من خلال أفضل الاستشاريين في مجال تفسير الاحلام
تفسير-الاحلام-Android-iconتفسير-الاحلام-IOS-icon
Phone preview